ارتفاع نسبة الإلحاد في العالم العربي

 

 

مؤخراً تصاعد الحديث في العالم العربي عن تزايد أعداد الملحدين العرب، ويرجع السبب كما يقول اختصاصيون إلى التشدّد الديني، وتسلم الحركات الإسلامية زمام السلطة.

حسب دراسة أجراها معهد غالوب الدولي لاستطلاعات الرأي تبيّن أن نسبة الإلحاد في السعودية هي 5%، وهي بذلك تعد أول بلد في العالم الإسلامي يتجاوز فيه الإلحاد حاجز الخمسة في المائة مقابل 75% من المتدينين و19% يرون أنفسهم غير متدينين. شكّك البعض في مصداقية هذه الدراسة، ورأوا أن الحديث عن انتشار الإلحاد مجرد وهم، مقللين من احتمالية وجود هذه الظاهرة، وإن وُجدت فهي عبارة عن فئة صغيرة غاضبة بسبب التشدّد الديني.

تعود أسباب الإلحاد في العالم العربي حسب بعض الباحثين الاجتماعيين والسياسيين نتيجة عودة حركات الإسلام السياسي بقوة، وخصوصاً بعد الربيع العربي. ففي مصر يؤكد الباحث في الشؤون السياسية، الدكتور عمار علي حسن، أن وصول جماعة الإخوان للحكم، زاد من نسبة الإلحاد، وذلك بعد تقديمهم صورة سيئة عن الإسلام، وأوضح أن تفاسير الدين منتج بشري لا قداسة لها على الإطلاق، فبحسب وجهة نظره أنه قد تم تطويع الدين لجني مكاسب سياسية، واجتماعية، وهو ما أثار حفيظة الشعب المصري.

ويؤكد أستاذ الشريعة وعضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، الدكتور أحمد كريمة، أن تفشي ظاهرة الالحاد، وخصوصاً بين الشباب هي بسبب المفاهيم الخاطئة التي يزرعها شيوخ السلفية. يرفض بعض الملحدين العرب فكرة أن الإلحاد سببه نفسيّ، أو أنه ينتج بسبب التشدّد أو وقوع مصائب للإنسان، تجعله غاضباً من الله. فالإلحاد بحسب رأيهم له سبب واحد، هو عدم الاقتناع بوجود إله، ورفض جميع الأديان لاعتقاد أنها بشرية. ولا علاقة للإلحاد بالمجتمع، سواء كان محافظاً أم غير محافظ. فالتشدّد الديني قد يكون دافعاً للبحث في الأمور الدينية ولكن ليس هو السبب.

وعن حلول لهذه المشكلة يقول الصحافي السعودي سطام المقرن: “إن البعض يطالب الدعاة ورجال الدين بضرورة الإنصات إلى هؤلاء الشباب، والرد على أسئلتهم واستفساراتهم وشبهاتهم، ومناقشتهم مناقشة عقلية صرفة، ولكن أقول فاقد الشيء لا يعطيه، فأسئلة الشباب المطروحة اليوم منشأها فلسفي ومعرفي، وبالتالي لا يمكن مناقشة هذه الأسئلة إلا على هذا الوجه، وكما هو معلوم، فإن الفلسفة محرمة عند بعض الدعاة ورجال الدين”.

ومن جانب آخر، يؤكد المقرن إن كثيراً من الشبهات التي تبرز على السطح، سببها وجود تعارض بين تفسير النصوص الدينية والأحكام الفقهية مع الكثير من معطيات الفكر البشري والعلوم الحديثة… “فهل يستطيع الدعاة تغيير هذا المفهوم لدى الشباب بالقول، إن التفاسير والأحكام الفقهية هي آراء بشرية معرضة للخطأ والصواب، وتتغير بتغير ظروف المجتمع؟”. وتحدث عن تصدي الغرب لظاهرة الإلحاد من خلال الاهتمام بمسائل الهرمنيوطيقا* الفلسفية لتفسير كتبهم المقدسة وتأويلها. مشيراً إلى أن الدعاة تناولوا الهرمنيوطيقا بأسلوب عدواني، وحاولوا تصويرها بشكل مخيف ومضاد للدين. فمن وجهة نظره “أن رجال الدين اليوم لن يقبلوا بظهور نظريات جديدة، ترتبط بالمعنى واللغة والتاريخ في تفسير النصوص الدينية، فباب التفسير العرفاني والكلامي مغلق ولن ينفتح بسهولة.”

 إن المرحلة الجديدة التي نعيشها اليوم أثارت علامات استفهام على مجمل الخطاب الديني، ولذلك يجمع الكثير من الباحثين على الحاجة إلى تنوير إسلامي من أجل واقع أفضل.

____________________

 *الهرمنيوطيقا: علم التأويل

                                                                                                                   رحيل دندش

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *