في مجتمعٍ مليء بالمظاهر، طغت هذه الأخيرة على الجوهر في العديد من المجالات ولا سيما الدين. إذا ما راقبنا عن بعد لوجدنا نسبة كبيرة من الممارسين يلجأون إلى الطقوس البحتة والعبادات المجرّدة، لتغدو هذه الطقوس المبالغة بمثابة مخدّرٍ ليرتاح الضمير ويختفي المرض. هل الدين أخلاق؟ أم أنّه ممارسة وعبادة فحسب؟ في نقاش مع بعض الشبّان الملتزمين دينيًّا مسيحيًّا، ركّز البعض على أن الممارسات والطقوس هي الأهم، وآخرون ركّزوا على أنّ الإيمان هو الأهم، ولكنَّ الرأي المعتدل كان حكرًا على قلّة منهم، فلا يمكن للطقوس أن تحلّ محلّ المساعدة وأعمال الرحمة، وهذا ما نجده في كافة الأديان، وسأستشهد في ديانات هذه المنطقة اي المسيحية والإسلام واليهوديّة. فنجد في رسالة القدّيس يعقوب الرسول آية صريحة تقول: “الإيمان دون الأعمال ميت” (يعقوب 2: 17) وهي تشرح ذاتها. أمّا في القرآن الكريم فنجد هذه الآية من سورة البقرة: “يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ مَا أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ” (215). وفي التلمود تشديدٌ واضحٌ على أن الصّدقة مهمّة أكثر من كل الأمور الأخرى. بالنتيجة، لا يمكن لنا من الاختباء وراء الطقوس والعبادات المجرّدة بل الأولى أن نتجه نحو الصدقة والإحسان وعمل الرحمة إلى جانب تلك، حتى تكون العبادة كاملة وترتقي بالمجتمعات الإنسانيّة من حدود الأنانيّة إلى التديّن الحقيقي.
لؤي نبيل الحكيم