ندرة تساقط الأمطار: غضبٌ إلهيّ أم ظاهرة طبيعيّة

ندرة تساقط الأمطار: غضبٌ إلهيّ أم ظاهرة طبيعيّة

ندرة تساقط الأمطار: غضبٌ إلهيّ أم ظاهرة طبيعيّة

لم يحمل شتاء لبنان معه هذا العام كمية أمطارٍ وافرة، اعتاد عليها اللبنانيون سابقاً ، ففي حين كان المعدّل السنوي يقارب الـ 800 متر مكعّب، فإنه لم يتخطّى الــ 400 هذه السّنة. وفي ظلّ أجواء سياسية واجتماعية سيئة  وفساد كبير يخيم على البلاد، جرت المقاربة بين الجوّين: المناخي والإجتماعي، جعلت كُثُراً يتبنّون مقولة: “الله ما بعت الخير لأنّو النّاس بطّل فيها خير.. بدو يعاقبهن”، لتصبح بذلك ظاهرة ندرة الأمطار عقاباً إلهياً في تفسيرها

 

 

“العقاب الإلهي” في الكتب المقدّسة:

وجد هذا البعد الديني في تفسير الظّواهر الطَّبيعيّة أساساً له في الكتب الدّينيّة ، فالقرآن الكريم يذكر كيف عوقب قوم لوط بالصيحة، وقوم فرعون بالغر

 الرأي العام: بين مؤيّدٍ  لفكرة العقاب الإلهي ومعارض له:

يشترك الحاج هادي (45 سنة) و يوسف(23 سنة) و السّيدة نتالي(50سنة) في تبني فكرة العقاب الإلهي من خلال الظَّواهر الطبيعية، وهم يعتبرون أن هذه الفكرة “الدينية” هي فكرة بديهيّة تُتوارث جيلاً إلى جيل، وهي فكرة مذكورة في الكتب السَّماويّة. وقد أكّد الحاج هادي وجهة نظره بذكر نماذج معاصرة للعقاب أردفها إلى ندرة الأمطار، مثل الإعصار في أمريكا، العام الفائت، وغير ذلك من أمثلة، فيما برّر يوسف رأيه بأنَّ وجود صلاة الإستسقاء عند المسلمين والمسيحيين خير دليل على العقاب من خلال الأمطار.

في المقابل، يرى وائل(28 سنة) أنَّ سبب قلة تساقط الأمطار يعود إلى عوامل بيئية طبيعية ساهمت في ذلك، وأن فكرة العقاب الإلهي غير صحيحة، مضيفاً أنَّ حالات العقاب التي ذُكرت في الكتب الدينية كانت مخصّصة لقوم دون سواهم، وليس بالإمكان تعميمها، وهي أتت في سياق معاجز الأنبياء. أما وجيه(30 سنة) فيعتبر أنَّ ما يُثار حول أنَّ الله يعاقب بندرة الأمطار مثلاً هو مجرّد فكرة إجتماعيّة متوارثة لا فكرةً دينيّة، معتبراً أن الله رحيمٌ يقابل الخطيئة بالمغفرة.

  “غضب الله” من وجهة نظر بعض العلماء

يعتبر الأب فادي ضو، رئيس مؤسسة أديان، أنَّ الله لا يستعمل القصاص ليعاقب به شعبه، وأنَّ الظواهر الطَّبيعية التي تحدث هي ناتجة عن حركة الكون الطَّبيعية، وبالتالي لا صحة للمقولات التي تتبنى فكرة الغضب الإلهي الذي حال دون هطول الأمطار.

ويرى الشيخ حسين الخشن، المفكّر ومدير الحوزة العلمية لسماحة السيد محمد حسين فضل الله، أنَّ ظاهرة “الإستئصال” التي وردت في القرآن الكريم، والتي تعني إفناء أمَّة بسبب طغيانها، فهي ظاهرة انتفت بعد ظهور الإسلام ( وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ(33))، مضيفاً إلى أن القرآن يذكر أنَّ الأعمال الإنسان المسيئة إلى الطّبيعة ولخلافة وعمران الأرض هي التي تؤدّي إلى الكوارث البيئية، كما توحي بذلك الآية القرآنية: (ظهر الفساد في البرّ والبحر بما كسبت أيدي النّاس)، وبالتالي يصبح سبب عدم هطول الأمطار نتيجة لفعل الإنسان نفسه، لا لغضب الله.

الدكتور فادي كرم: ندرة هطول الأمطار ظاهرة طبيعية جدّاً

يقول الأخصّائي في إدارة المياه والمناخ الزراعي الدّكتور فادي كرم أنَّ شتاء هذه السّنة مشابه لشتاء سنة  1999 من حيث قلّة هطول الأمطار، مؤكّداً أنَّ ظاهرة ما أسماها “سنوات الجفاف” -والتي تطلق على السنة التي تندر فيها المتساقطات- هي ظاهرة طبيعيّة، وتتجدّد كل عشر سنوات تقريباً، ذاكراً أنَّ الإنحباس الحراري الّذي يتأتّى من التلوّث الهوائي يؤثّر بشكلٍ أو بآخر على كمية المتساقطات أيضاً.

 

ملاك عبد الله

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *