“داعش” يسرق الإسلام

ISIS

منذ ظهور ما يسمّى بتنظيم الدولة الإسلاميّة في العراق والشام “داعش”، بات هذا الشعار في الصورة أعلاه أشهر من أن يعرف، بعد أن اعتمده التنظيم شعارا له. ففي جميع البيانات الصحفيّة التي تصدر عنه والصور والافلام المسجلة المليئة بالعنف والقتل، نرى ” محمد رسول الله “، وبكلمات أخرى نرى “الإسلام” جزءً من الصور… ولكن هل تعلمون أنَّ هذا الشعار ليس لداعش؟
كجزء من استراتيجية التواصل المحترفة التي يتبعها التظيم لتأكيد شرعيته وارتباطه بالدين الاسلامي، أخذ الكثير من الرموز والشعائر الإسلاميّة وادعى ملكيتها.

ولمعرفة لمن يعود هذا الشعار، سألنا القاضي الشيخ محمد أبو زيد، قاضي المحكمة الشرعية في صيدا، جنوب لبنان الذي أكّد بحسب أحاديث عدة أنّ ” النبي محمد صلى الله عليه وسلم كان يختم الرسائل الرسمية الموجهة منه إلى الملوك والحكّام بهذه العبارة “محمد رسول الله” (تقرأ في الصورة من الأسفل الى الاعلى).

واعتبر ابو زيد أن غاية “داعش” هي للترويج لنفسها خاصة وأن هذا النقش ” كان يحمل دلالات على أن صاحب هذ الخاتم هو صاحب السلطة الرسميّة في الدولة… لكن أصبح هذا التقليد ممنوعا”.
ولدى سؤالنا عن كيفية استرجاع الرمزيّة الحقيقيّة لهذا الختم، أشار القاضي الى انه “لا ينبغي أن ينشغل المسلمون بتتبع من يستعمل هذا النقش، لأن هذه الشعارات وغيرها كانت تستخدم قبل ظهورهذه الجماعات بقرون””

اذًا “داعش” سرق ختم النبي محمد واعتمده شعارًا لاقناعنا بإسلامه. ولكن الأهم، هل سرق عقولنا وعزائمنا أيضًا ؟

من أجل تديّنٍ أفضل

في مجتمعٍ مليء بالمظاهر، طغت هذه الأخيرة على الجوهر في العديد من المجالات ولا سيما الدين. إذا ما راقبنا عن بعد لوجدنا نسبة كبيرة من الممارسين يلجأون إلى الطقوس البحتة والعبادات المجرّدة، لتغدو هذه الطقوس المبالغة بمثابة مخدّرٍ ليرتاح الضمير ويختفي المرض. هل الدين أخلاق؟ أم أنّه ممارسة وعبادة فحسب؟ في نقاش مع بعض الشبّان الملتزمين دينيًّا مسيحيًّا، ركّز البعض على أن الممارسات والطقوس هي الأهم، وآخرون ركّزوا على أنّ الإيمان هو الأهم، ولكنَّ الرأي المعتدل كان حكرًا على قلّة منهم، فلا يمكن للطقوس أن تحلّ محلّ المساعدة وأعمال الرحمة، وهذا ما نجده في كافة الأديان، وسأستشهد في ديانات هذه المنطقة اي المسيحية والإسلام واليهوديّة. فنجد في رسالة القدّيس يعقوب الرسول آية صريحة تقول: “الإيمان دون الأعمال ميت” (يعقوب 2: 17) وهي تشرح ذاتها. أمّا في القرآن الكريم فنجد هذه الآية من سورة البقرة: “يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ مَا أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ” (215). وفي التلمود تشديدٌ واضحٌ على أن الصّدقة مهمّة أكثر من كل الأمور الأخرى. بالنتيجة، لا يمكن لنا من الاختباء وراء الطقوس والعبادات المجرّدة بل الأولى أن نتجه نحو الصدقة والإحسان وعمل الرحمة إلى جانب تلك، حتى تكون العبادة كاملة وترتقي بالمجتمعات الإنسانيّة من حدود الأنانيّة إلى التديّن الحقيقي.

لؤي نبيل الحكيم