دورات الزواج

ميرا عثمان | الدبلوم الجامعي في الأديان والإعلام

يعرف الشاب اللبناني في أيامنا هذه بأنه خبير في تأسيس شركات ناجحة في حين أنه يفشل فشلاً ذريعاً في تأسيس شراكة زوجية، ناجحة ومستقرة.

بحسب الدراسات والإحصاءات الأخيرة، يشهد لبنان ارتفاعاً ملحوظاً في نسبة الطلاق ويعود ذلك للتغير الذي طرأ على حياة المواطنين. فبعد أن كان هؤلاء يتزوجون طالبين السترة، بدأوا اليوم بتحويل الزواج لخليط ما بين العقل والعاطفة. وفي ظلّ اندماج الدين بالأحوال الشخصية في لبنان واعتباره بأنه رباط مقدس ومبارك، بات من الضروري دراسة مدى فعالية دورات الزواج في الديانة المسيحية في الحد من الطلاق.

 تعريف دورات الزواج

قبل إتمام أي زواج، يمر الزوجان في فترة لإتمام بما يسمى بدورات الزواج. بحسب الأب طوني برهوم في كنيسة مار الياس في زحلة، يشارك الزوجان خلال دورات الزواج في دورات تثقيفية عن الدين المسيحي وعن الحياة بكل تفاصيلها. أما بعد ذلك، ينقلون الى ما يقارب ستة جلسات مع الكاهن لرؤية مدى اتفاق الطرفين وجهوزيتهما للزواج. خلال تلك الجلسات، يتطرق الكاهن الى جميع المواضيع الاجتماعية، الشخصية والاتفاقية بين الطرفين من خلال أكثر من مئة سؤال. تتم عملية دورات الزواج الى ما يقارب السبعة أشهر، فتكون تلك الفترة فترة تأخير للزواج.

مع جميع تلك الاحتياطات، لا يزال يشهد لبنان على نسبة طلاق عالية، فكيف من الممكن ان نقول بأن تلك الجلسات هي فعالة إذا كانت نسبة أبديتهم ضئيلة.

 شهادة حيّة

لإضافة الشهود، تكلمنا مع ريتا التي انتهى زواجها منذ ما يقارب السنة بعد خمسة سنين من الزواج. تقول ريتا: “لقد كنا مقتنعين ببعضنا كثيراً، ومررنا بتلك الدورات على مدى سبعة شهور ولكن لم يطول زواجنا أكثر من خمسة سنوات بعدما كثرت المشاكل”.

أضافت ريتا بأن تلك الدورات هي بمثل تنوير للروح ولكن الواقع قد يحمل لنا بعض الحالات المستعصية التي تجر الإنسان بالتوقف في مكان معين.

ومن هنا تساءلت ريتا لماذا لا يتوجه الزوجين الى الزواج المدني حيث يتزوجون ويطلقون بسهولة وبسرعة جيدة حاصلين على جميع حقوقهم المدنية ويباركون زواجهم بإيمانهم بالله ووجوده معهم الى الأبد؟

 الزواج هو اتفاق بين طرفين على الحب والإخلاص الأبدي، باركه لله بالزواج الديني وتأتي الكنيسة للتأكد من تكميل الطرفين لبعضهم البعض من خلال دورات الزواج ومع ذلك تبقى نسبة الطلاق عالية في مجتمعنا. فما الحل؟

هل يتعارض التبرع بالأعضاء مع أخلاقيات الدين المسيحي؟

الياس الخوري | الدبلوم الجامعي في الأديان والإعلام

لعلً أول ما يخطر على أذهاننا عندما نسمع ” التبرع بالأعضاء ” هو أنه شيء محرًم دينياً إذ أنه يشوًه جسد الانسان الذي خلقه الله على صورته ومثاله ويدعو للعبث بمشيئة الله وقضائه، إلا أنً الحقيقة هي بعكس ذلك تماماً. فالكنيسة لا تجد في ذلك تشويه للجسد أو خدش لحيائه أو لكرامته، فهي ترى أن ما يشوًه الانسان هو أعماله السيئة والعيش بالخطيئة والبعد عن الله. موقف الكنيسة من وهب الأعضاء لا يقف عند السماح به وحسب، بل أنها تدعوا لذلك وتشجعه لأنها ترى في ذلك تجسيد لتعاليم السيد المسيح التي أوصانا بها بالمحبة والتضحية وبذل الذات من أجل القريب.

فمن الناحية اللاهوتية يقول الأب إدغار الهيبي ممثلاً صاحب الغبطة مار نصرلله بطرس صفير، بطريرك إنطاكية وسائر المشرق للموارنة: “إن الكنيسة تؤمن أن الله تجسّد، أي صار إنساناً، وبتجسده أدخل الإنسان بكل أبعاده في سرّ محبته اللامتناهية. مما يجعل من المسؤولية الطبية والاجتماعية في زرع الأعضاء دعوة ايجابية مقدّسة في خدمة الإنسانية، شرط ألًا تتعارض مع كرامة الإنسان بكل أبعاده. والايمان بأن الإله المخلص يسوع المسيح تجسّد ومات ثم قام يؤكّد على أن الخلاص الحقيقي لا ينحسر بمفهوم الصحة الجسدية والحياة الأرضية. إنما يتخطاها الى عالم اللقاء الأبدي بسر المحبة الأبدية. وبالتالي على الوعي الطبّي والاجتماعيّ في زرع اعضاء ألا يمزج بين مفهومَيّ الصحة والخلاص.”

وبالحديث مع الأب عامر قصًار وجدنا بأنه وعلى الرغم من تأكيد الكنيسة على ضرورة منح الأعضاء في حالات معينة لإنقاذ حياة شخص آخر، إلا أنً هناك أمور يجب مراعاتها أثناء القيام بهذه العملية ومنها:

  • الحصول على الموافقة الخطيًة للشخص المانح إذا كان على قيد الحياة، أما إذا كان المتبرع متوفيً، فإما أن تكون عملية وهب الأعضاء مذكورة في وصيته أو أن تقوم عائلته بالتوقيع على الموافقة.
  • أن يكون بكامل قواه العقلية والذهنية.
  • أن يقوم بالتبرع بملء إرادته وليس بالرغم أو الإكراه.
  • التأكيد على أن يكون الهدف من وهب الأعضاء هو هدف إنساني بحت وغايته إنقاذ حياة مريض أو المساعدة في تخفيف الألم عنه وألًا يكون هناك أيًة أهداف تجارية من وراء ذلك
  • أن يكون المتبرع بالغ وراشد وقادر على اتخاذ قراراته.

وبالرجوع للكتاب المقدس ولوعظة البابا شنودة حول موضوع وهب الأعضاء، نجد أنه ستشهد بالعديد من النصوص الدينية التي تؤكدت على موضوع البذل والعطاء ومنها قول السيد المسيح ” ليس لأحد حب أعظم من هذا ، أن يضع أحد نفسه عن احبائه “( يو 15:13) وأيضاً كما جاء في رسالة القديس بولس الرسول لأهل غلاطية:
“لأني أشهد انه لو أمكن لقلعتم عيونكم أعطيتموني”(غل 4: 15 )
وقول السيد المسيح في العشاء الأخير: ” خذوا كلو هذا هو جسدي” وأيضاً قوله ” خذوا اشربوا من هذا كلكم، هذا هو دمي دم العهد الجديد الذي يسفك من أجلكم لمغرفة الخطايا” وبهذا نجد كيف أن المسيح قد وهبنا جسده ودمه من أجل خلاصنا وتخفيف آلامنا وتحريرنا من الخطيئة الأصلية”

فالكنيسة تؤكد على إرادة الحياة وبذل الذات من أجل الآخر وتدعم وهب الأعضاء لما في ذلك من خير على البشرية وحفاظ على حياة الناسوهذا ما أكده البابا شنودة في وعظته قائلاً: ” الدين يأمر بعمل الخير. وما أجمل أن يعمل الإنسان الخير في حياته، متبرعاً بعضو لا يفقده الحية. كما يعمل الخير أيضاً بعد مماته، بتبرعه (عن طريق وصية مكتوبة) ببعض أعضائه لإنقاذ غيره أو لفائدة العلم. والغير يرد هذا الجميل، بأن يوصي بأعضاء منه بعد موته لإنقاذ آخرين.