أسكتوا الإعلام المسيحي المتطرّف

 الخوري باتريك كسّاب | الدبلوم الجامعي في الأديان والإعلام

تكثرُ المقالات والدراسات التي تتحدّث عن التعصّب الإسلامي الذي لم يترك الواجهة منذ سنة 2001، وقد أخذ من الإعلام ساحةَ معركةٍ له، ينشرُ فيها ثقافة البغض والعنف والقتل، إمّا من خلال مؤسّسات إعلاميّة اصطبغت بلون الإرهاب، وإمّا من خلال البروباغاندا في وسائل التواصل الإجتماعي. ولكن ما يلفت نظري هو ظاهرة الإعلام المسيحيّ المتعصّب المنسي أحيانًا، الذي جاءنا كردّة فعلٍ على المجموعات التكفيريّة، أو الذي تطوّر نتيجة حاجة الأقليّات للدفاع عن نفسها. لا ينقصُ ذاك الإعلام شيئًا من التعصّب والتزمّت وهو في جوهره وظاهره لا يستحقُّ أن تُدعى المسيحيّة عليه.

تعصّب ممنهج

تحمل قناة “الحياة” مهمّة القصف الممنهج من خلف المتاريس المسيحيّة في حرب التعصّب الإعلامي، فتبثُّ الكراهيّة في برامج إذاعيّة جذّابة لمسيحيٍّ مقهور، لتنسيه أنّ السيّد المسيح دعاه إلى حبّ الأعداء ومباركة اللاعنين وتذكّره بحدود طبيعته الحيوانيّة المتصلّبة التي لا تعرفُ حوارًا ولا انفتاحًا. هنا برنامجٌ يسخرُ من القرآن، ولا يهتمُّ إلّا بإظهار متناقضاته، وهناك من يسخر من الإسلام، بشكلٍ عام، مبيّنًا المسلمين جميعًا، دون أي استثناء كأشرارٍ يفتكون في العالم، وكأعداءٍ صريحين للمسيح وكنيسته. ثمّ نشاهدُ شهادات من تركوا الإسلام وقبلوا المسيحيّة، تُقدّمُ لنا وكأنّها تسجيلُ أهدافٍ في صفوف العدوّ. طبعًا ليست هذه القناة هي الوحيدة في ممارستها، فحتّى الوسائل الإعلاميّة التي تسائلها الكنيسة وتشرف عليها، تنزلقُ أحيانًا، وإن لا إراديًّا، في فخّ التعصّب.

تعصّب عشوائيّ

أمّا وسائل التواصل الإجتماعي الحديثة، فقد سمحت للجميع التعبير عن آرائهم، وإطلاق الأحكام والشعارات باسم الدين. فنرى من احتقن بالطائفيّة وفجّر سمومًا في تغريدة “تويتر” لن تزيد شرقنا سوى توتّرٍ دينيّ لم يعد يطاق. فانتقلت الحرب من ميدانٍ نتقانصُ فيه بالذخيرة الحيّة، ونقتل فيه باسم الدين، إلى ساحة معركة سلاحها السباب، نقتل فيها الدّين باسم التعصّب.

تكفيرٌ يواجه تكفيرا

 في الواقع، تُناقض هذه المواقف تعليم يسوع الصريح في الكتاب المقدّس، لا سيّما في عظته على الجبل، حيثُ دعانا صراحةُ إلى محبّة الأعداء. كما تناقض تعاليم الكنيسة التي تدعو إلى اليوم، في جميع رسائلها المتعلّقة بالإعلام، إلى نشر ثقافة الحوار والإحترام والصداقة. وبرأيي فهي أسوأ من الإعلام الإسلامي المتطرّف لما فيها من رياء. فالأوّل يكفّر المسيحيّين عقيدةً وتطبيقًا، أمّا الثاني فيدعو إلى التسامح عقيدةً ولا يطبّقُ سوى تكفيرا.

الحجاب خيار أم فريضة : جدلية المفاهيم بين الدين والمجتمع

وليد البعاج | الدبلوم الجامعي في الأديان والإعلام

من القضايا التي لا زال الجدل محتدم  فيها هي مشروعية الحجاب ومقبوليته في المجتمع كفريضة دينية، وهذه القضية لعلها كانت منحصرة في المجتمع العربي الشرقي والجدال دائر بين العلمانيين والمتدينين، لكن قضية الحجاب اليوم اصبحت قضية عالمية، تُسن لها قوانين وتتخذ في حقها قرارات واحكام، وحصلت جراء ذلك تظاهرات عدة في كثير من دول العالم بين منددة بالاجراءات التي اتخذتها الحكومات في منع الحجاب وعدم السماح للطالبات بارتدائه، وبين اصوات منادية ومؤيدة لذلك، واليوم قضية الحجاب اصبحت محك لاختبار اللاجئين الذين هاجروا نحو اوروبا وتحديدا المانيا، ومتابعة المنظمات الالمانية لمدى اندماج الشرقيين العرب مع الجو الاوربي وهل فعلا سيندمج المهاجر ويطبق القوانين الالمانية وهل يتنازل عن فكرة الحجاب ويعطي للمرأة حريتها، وهل يصافح الرجل الشرقي المرأة وهل يسمح لمرأته بالمصافحة مع الرجال.

المتدينون وخاصة في الفكر الاسلامي يعتبر الحجاب فريضة سماوية وشريعة الهية فرضت على المرأة منذ سن البلوغ وعليها ان تلتزم بها فهو معيار وميزان لايمانها ومدى حرصها على تطبيق الشريعة، وهو يصون المرأة ويجعل منها جوهرة مكنونة تفرض احترامها على الجميع، بتغطية شعرها وجسدها. وهو لا ينافي حرية المرأة في التنقل والحركة وممارسة النشاطات العامة.

بينما العلمانيون والمتنورون يرون ان الحجاب لا علاقة له في الايمان بل ان الايمان لا يمكن ان يحدده شرط تغطية الراس فالكثير ممن يكشفن شعورهن هن قمة بالعفاف والايمان ويؤدين التكاليف الشرعية وهن في علاقة ايمانية متينة مع الرب. والحجاب عليه ان يكون خيار وليس فرض، والمرأة هي التي تحدد الوقت والمكان المناسب لها في ان ترتديه حسب ما يلائمها هي.

والجدال مضى عليه وقت كبير ولا زال قائم، ومن الواضح انه سيبقى مستمر فبين آونة وأخرى محجبة تتخلى عن حجابها وتعطي حججها واسبابها. والكل مقتنع برؤيته. فلا تسوية ولا تنازل من الفئتين.

عندما يتكلم البابا عن الايدز ووسائل منع الحمل

البابا: استخدام الواقي الذكري يفاقم مشكلة الايدز. وفرنسا: هكذا موقف سيعرَض للخطر إجراءات حماية الحياة الإنسانية في مواجهة الإيدز

حسن دياب | الدبلوم الجامعي في الأديان والإعلام 

أثار البابا بنديكت السادس عشر جدلاً واسعاً عندما أعلن في الطائرة التي كانت تقله إلى الكاميرون وأنغولا في آذار/مارس 2009 أن إستخدام الواقي الذكري “يفاقم مشكلة الإيدز” المتفشي في القارة السمراء، ودعا الأساقفة الكاميرونيين الى “الدفاع بحزم عن القيمالأساسية للعائلة في أفريقيا التي تواجه تداعيات الحداثة والعلمانية على المجتمع التقليدي”.وحتى الأن كان الفاتيكان يعارض إستخدام أي نوع من أنواع منع الحمل حتى إن كان الهدف الوقاية من الأمراض المعدية التي تنتقل عدواها بالممارسة الجنسية مثل الإيدز

تداعيات الموقف في الشارع

تداعيات هذا الموقف ظهرت عاجلاً في باريس حيث وقع إشتباك بين نشطاء مكافحة مرض نقص المناعة المكتسبة وشبان كاثوليك مؤيدين للبابا خارج كاتدرائية نوتردام، وذلك عندما حاول بعض النشطاء توزيع أعداد من الواقي الذكري ونددوا بمواقف البابا الرجعية.

ردود الفعل في الوسط الطبي

حصدت تصريحات البابا ردود فعل كثيرة في الوسط الطبي، وقال آلان فوغيه عضو الحركة الكاميرونية للدفاع عن الحق في العلاج، في تعليق على تصريحات البابا “إنه أمر مذهل حقاً، هل يعيش البابا في القرن الواحد والعشرين؟!” وأضاف “لن يفعل الناس ما يقوله البابا، إنه يعيش في السماء ونحن نعيش على الأرض”. كما أعلنت بياتريس لومينيه المسؤولة عن الوقاية من الوباء في منظمة أطباء العالم الإنسانية “إن نتائج هذه الرسالة خطيرة جداً عندما تصدر في القارة الأفريقية حيث يعيش ثلثا المصابين بالفيروس”.

قلق فرنسي

كما أعلنت فرنسا عبر وزير خارجيتها عن قلقها البالغ من تداعيات هكذا موقف مما سيعرَض للخطر إجراءات حماية الحياة الإنسانية في مواجهة الإيدز، كما أنه يتعارض مع كافة الجهود التي بذلتها الحكومات الإفريقية والجهات غير الحكومية المعنية بمكافحة هذا المرض.

رد الفاتيكان

وفي المقابل، الأب فيديريكو لومباردي المتحدث باسم الفاتيكانان قال “إن البابا أراد أن يشدد بقوة على أنه لا يمكن معالجة مشكلة الإيدز عبر توزيع الواقي الذكري فقط، إنه حل غير أخلاقي ويجب العمل على أنسنة العمل الجنسي لا تسخيف العملية الجنسية. ويجب أن يعتبر الناس أن الجنس هو تعبير عن الحب”.

تراجع البابا

ثم ما لبث ان تراجع الفاتيكان، ولاول مرة في تاريخه، عن معارضته لاستخدام الواقي الذكري، وذلك في كتاب “نور العالم” الذي يتضمن مقابلات مع البابا، وردا على السؤال حول ما اذا كان بالامكان القول ان “الكنيسة الكاثوليكية ليست بشكل مطلق ضد استخدام الواقي؟” اجاب البابا انه يجيز هذا الامر فقط “في بعض الحالات عندما تكون النية الحد من مخاطر العدوى، وقد يكون هذا الامر الخطوة الاولى لفتح الطريق امام حياة جنسية اكثر انسانية تعاش بشكل مختلف”.

الايدز بالارقام

ويشار إلى أن أكثر من 22 مليون شخص في الصحراء الكبرى مصابون بفيروس نقص المناعة البشرية.ووفقا لبرنامج الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية، فإن تسعة من أصل 10 من الأطفال المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية في العالم يعيشون في المنطقة التي تحوي 11.4 مليون يتيم بسبب الإيدز، في حين توفي نحو 1.5 مليون شخص بالمرض في عام 2007 وحده.

هذا الجدل يثير اشكالية، انه، لماذا أدلى البابا بموقفه في أفريقيا وليس في أوروبا؟ وما أثر الضغوط الإعلامية في قرارات الفاتيكان؟

الاجهاض والموت الرحيم للأطفال ونظرة الأديان

نور قنصل | الدبلوم الجامعي في الأديان والإعلام

أكّد البابا فرنسيس في التاسع عشر من شهر شباط 2016 في تصريحاته التي أدلى بها داخل الطائرة خلال رحلة العودة من المكسيك تأكيده أن الاجهاض والموت الرحيم من الجرائم غير أنه لفت الى أن اعتماد وسائل منع الحمل “ليس شرا مطلقا” في حالات استثنائية وذلك ردا على سؤاله عن سبل مكافحة وباء زيكا.

كلمة قتل هي للشرير والمجرم أما الرحمة فهي للمحب ولله ولكن خلط الكلمتين لتبرير عمل موت إنسان ، يمزج الأحاسيس ليجعل الشرّ يظهر بأنه خير، والخير شرّ والنتيجة هي قتل روح والتعدي على الحياة في أولها (الإجهاض)، في مراحلها أو في آخرها،القتل الرحيم أو ما يسمى  (اليوثانيجيا).

إذا كان القتل بدافع الرحمة يعني إنهاء حياة إنسان فإن الأديان كلّها تحرّم ذلك تحريماً مطلقاً وتعتبره جريمة قتل، لأن الله هو الوحيد الذي يحيي ويميت. فالديانتان – اليهودية والمسيحية – تحرّمان القتل بحسب الوصية الخامسة من الوصايا العشر ” لاتقتل ” والكنيسة ترفض الإجهاض والموت الرحيم بشكل قطعي.

أما عن رأي الإسلام بهذه المسألة فهناك الكثير من الآيات القرآنية التي تدلّ على أن الموت هو من حق الله وحده واهب الحياة. وحرص الإسلام على حياة الإنسان ولم يجعل النفس ملكاً حتى للإنسان ذاته، وإنما هي ملك لله استودعه الله إياها، فلا يجوز للانسان التفريط فيها بواسطة الغير ولو كان طبيباً يهدف إلى إراحة الطفل المريض من آلامه.

وقال البابا فرنسيس ردا على سؤاله عن سبل مكافحة وباء زيكا. “أنه يجب عدم المزج بين السوء الناجم عن تفادي الحمل وبين الاجهاض”.

الاجهاض ليس مشكلة لاهوتية بل هو مشكلة بشرية وطبية. حيث يتم قتل انسان لانقاذ آخر. هذا شر بحد ذاته، ليس شرا دينيا بل شر بشري”.

وأضاف البابا أن تفادي الحمل ليس شرا مطلقا و حض الاطباء على بذل قصارى جهدهم لايجاد لقاحات وأدوية لوباء زيكا.

ومن وجهة نظر أخلاقية حول طرق منع الحمل الاصطناعية، فبرأي الأب إيدغار الهيبي  وسائل منع الحمل الاصطناعية تأتي بقطار الضو الليمونة وليس في قطار الضو الأحمر , أي أنه من الممكن قبول هذه الوسائل ببعض الظروف التي هي بين النعمة والخطية وبالرض

المراجع
www.France24.com
www.marcharbel.lilhayat.com

البشارة عيد وطني مشترك بين المسلمين والمسيحيين

youssef

يوسف شويري | الدبلوم الجامعي في الأديان والإعلام

أصبح اللقاء المسلم المسيحي, حول مريم العذراء في مدرسة سيدة الجمهور, تقليدا سنويا نحتفل فيه سوياً على الصعيد الوطني من كل عام في25آذار؛ كان هذه السنة في الرابع من نيسان. انه الطريق المستدام في الحوار المنفتح والاخوي بين اللبنانيين حيث مريم العذراء تجمعنا. فيؤّدون المسلمون والمسيحيون من خلال هذا الايمان المشترك لسيدتنا مريم العذراء, التكريم والشكر لها إذ إنها الامرأة نفسها التي نتكلم عنها في الانجيل والقرآن. من ناحية أخرى أهمية مريم العذراء في هذا العيد يعود الى مكانتها على الصعيد الروحي والديني.

 عصمة مريم العذراء –

ان مريم العذراء معصومة من الشر ومن الشيطان, يعني عصمة مريم العذراء من الخطيئة الاصلية وهو ميل الانسان الى الشر أو قدرة الشيطان. يمسه كل البشر الشيطان عندما يولد بآستثناء مريم. إذ قالت أم مريم حنة عندما ولدتها : “وإني سميتها مريم. وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم”. (سورة آل عمران ٣\٣٦).

 طهارة مريم –

يمكننا القول أن مريم عفيفة نقية في فكر الله من هنا الطهارة والعفة وغياب للشهوة الجسدية: “قالت أنىَّ يكون لي غلام, ولم يَمْسَسْني بشرٌ”.(سورة مريم 19\20) ؛ “فأجابها الملاك : “إن الروح القدس سينزل عليك وقدرة العلي تظللك(…)””. (لوقا 1\35).

 إختيار مريم –

ونفهم أهمية مريم العذراء في مشروع الله الخلاصي في فكرة “الله اصطفاك” : “يا مريم! إن الله اصطفاك. وطهَّرك. واصطفاك على نساء العالمين.” (آل عمران ٣\٤٢). فهي نذير الرب قبل أن تولد وهي المولود الوحيد المعصوم من كل خطيئة والموصوف بالطهر والقداسة وكل عيب ودنس. ونرى الإنعامات التي خصها الله بها وعصمتها من الخطيئة : “”فدخل إليها (الملاك) فقال “إفرحي, أيتها الممتلئة نعمة, الرب معك” ؛ “فقالت مريم : “أنا أمة الرب, فليكن لي بحسب قولك””. (لوقا 1\28 ؛ 1\38).

 “عيسى بن مريم” –

فمريم ولدت عيسى من غير أن يمسسها رجل وبذالك آمتازت على جميع نساء العالمين. عيسى بن مريم يعني المسيح الذي يمسح بالميرون, مسح بالطهر من الذنوب وهو “الكلمة” التي بشرها الملاك لمريم : “إذ قالت الملائكة : يا مريم ! إن الله يبشرك بكلمة منه آسمه المسيح عيسى آبن مريم, وجيها في الدنيا والآخرة(…)”.(آل عمران 3\45-46).

إن الله لم يتكلم مع أحد مواجهة إلا مع مريم العذراء. إن سيدتنا مريم هي بفكر الله هي وآبنها عيسى : “أذكر في الكتاب مريم”.

هذه الأيقونة مستوحات من أيقونة بيزنطية من التراث اليوناني القديم والتي تنتمي إلى التقليد جبل آسوس Mont Assos. على اليمين يمكن أن نقرأ الآيات من إنجيل القديس لوقا (1\28-35). ومن اليسار سورة آل عمران المأخوذة من القرآن (96\41-46).

أصبحت الأيقونة رمز من رموز التلاقي ,معا حول سيدتنا مريم, من قبل قدامى مدرسة اليسوعية سيدة الجمهور لبنان. الأيقوة هي رمز معبر من خلال الرسم والكتابة, على أهمية تقرب الله من الانسان. فهذا الوجود الروحي والملائكي يعلن بمجد عظيم الحبل بها بلا دنس.

 

التعصب القومي أشد خطراً من التعصب الديني

anni

أني بارودجيان | الدبلوم الجامعي في الأديان والإعلام

لا يختلف التعصب في معناه على أرض الواقع بين أن يكون تعصباً بسبب الدين وأختلاف العقيدة، تعصباً بسبب القومية والعرق والأنتماء ولعل شواهد كثيرة من ذلك كما حصل في التعصب التركي والإبادة التي قام بها الأكراد بحق الأرمن والأضطهاد الذي يتعرض له الأكراد كذلك وتصنيفهم بالأرهابيين تحت مسمى حزب العمال الكردستاني.

وحصلت جرائم إبادة نادت بها كثير من المنظمات والمؤسسات الإنسانية وهذا التعصب لا يقل خطورتاً عن التعصب الديني وما عانته الأقليات من أضطهاد في العراق وسوريا بل في منطقة الشرق الأوسط ككل بسبب الأختلاف في الدين والمعتقد.

“الأرمن شعب وقضية”

سنة بعد سنة أصبحت الشعوب العربية والغربية تتعرف أكثرعلى هذا الشعب وحضارته التي هي من أعرق حضارات الأرض وأغناها وهي اول دولة في العالم تعتنق المسيحية ديانة رسمية عام٣٠١ميلادي قبل كل الدول المسيحية الأخرى.

في٢٤نيسان عام ١٩١٥م، تعرضت لأول واكبر جريمة أبادة ذهب ضحيتها أكثر من مليون ونصف المليون إنسان على يد السلطة العثمانية وحصيلة هذه الإبادة العنصرية لا تنحصر فقط بالخسائر البشرية أذ تعرضت أرمينيا للنهب والدمار وأفرغت معظم الأراضي الأرمنية من أصحابها الأصليين وأزيلت ألاف القرى حتى الكنائس والأديرة والأثار التاريخية كانت خير شاهد على ما جنته أيدي الأتراك لهذا لم تسلم بدورها من النهب والتدنيس والحرق والتفجير بالديناميت، وزيادة على ذلك إن الأتراك العثمانيين كانوا يميّزون الأرمن بالنعت المشؤوم (كيافور) الذي يكمن فيه نمط الإهانة والتمييز العنصري.

كانت العلاقة بين الشعبين الأرمني والكردي جيدة وعاشوا على مدى عشرات القرون جنباً الى جنب فكان لكل أرمني صديق كردي يناديه (كيرفا) ويعتبرونه صديقاً عزيزاً للأسرة الأرمنية وكانوا يد الإنقاذ بعضهم لبعض في مواجهة الأتراك ولم يكن ذلك ليجد هوى في نفوس المستبدّين الأتراك فقد حثوا الأكراد على الأرمن فوقعت صدامات عديدة بينهما.

كما عمل الجيش التركي تقتيلاً في الأكراد بلا رحمة واعتقل رؤساء القبائل ودمروا بيوتهم وممتلكاتهم وبدأت عملية تتريك الأكراد بواسطة إكراههم على الإسلام، يتعرض الأكراد الى يومنا هذا للأضطهاد والتعسف والمضالم من السلطات التركية وتطبق أزاء الشعب الكردي سياسة الإبادة العنصرية.

“الأحلام الطورانية لا تزال تدغدغ مخيلة الأتراك”

هكذا كان حال تركيا في الماضي وفي الوقت الحالي أيضاً يستغلون الدين الإسلامي لأهدافهم السياسية والأقتصادية والعكسرية ينادون أنهم من أفضل الأمم والشعوب (لأنهم من أصل طوراني) وهم ذاتهم الذين قصفوا بمدافعهم وقذائفهم الكعبة الشريفة في مكة المكرمة وهدموا مقام إبراهيم أثناء الحرب العالمية الأولى وهم نفسهم اليوم يتنكرون بأسم داعش ويقومون بتخريب الحضارة والأماكن التاريخية في العراق وسوريا وتدمير الكنائس وتشريد وتهريب الناس من بيوتهم.

اليوم تعد أرمينيا دولة حرة مستقلة، لكن الأرمن لم ينالوا جميع حقوقهم بعد أذ لم تعاقب تركيا منفذة جرائم الإبادة بحق الأرمن الى يومنا هذا ومازالت معظم الأراضي الأرمنية يرزح تحت الأحتلال التركي والأرمن سيتابعون كفاحهم لإسترداد حقوقهم المسلوبة، وأسترجاع أراضيهم المحتلة.

لا يستطيع أحد أن ينكر حقيقة وجود وحش العنصرية النتن قابعاً في قعر مستنقع عالمي لا يتوانى بين حين وآخر أن يطل برأسه مذكراً بوجوده يبخ سمومه هنا وهناك،اذاً التعصب مرض خطير يهدد أمن وأستقرار البشرية أينما كان وحيثما كان هذا التعصب.