البابا: استخدام الواقي الذكري يفاقم مشكلة الايدز. وفرنسا: هكذا موقف سيعرَض للخطر إجراءات حماية الحياة الإنسانية في مواجهة الإيدز
حسن دياب | الدبلوم الجامعي في الأديان والإعلام
أثار البابا بنديكت السادس عشر جدلاً واسعاً عندما أعلن في الطائرة التي كانت تقله إلى الكاميرون وأنغولا في آذار/مارس 2009 أن إستخدام الواقي الذكري “يفاقم مشكلة الإيدز” المتفشي في القارة السمراء، ودعا الأساقفة الكاميرونيين الى “الدفاع بحزم عن القيمالأساسية للعائلة في أفريقيا التي تواجه تداعيات الحداثة والعلمانية على المجتمع التقليدي”.وحتى الأن كان الفاتيكان يعارض إستخدام أي نوع من أنواع منع الحمل حتى إن كان الهدف الوقاية من الأمراض المعدية التي تنتقل عدواها بالممارسة الجنسية مثل الإيدز
تداعيات الموقف في الشارع
تداعيات هذا الموقف ظهرت عاجلاً في باريس حيث وقع إشتباك بين نشطاء مكافحة مرض نقص المناعة المكتسبة وشبان كاثوليك مؤيدين للبابا خارج كاتدرائية نوتردام، وذلك عندما حاول بعض النشطاء توزيع أعداد من الواقي الذكري ونددوا بمواقف البابا الرجعية.
ردود الفعل في الوسط الطبي
حصدت تصريحات البابا ردود فعل كثيرة في الوسط الطبي، وقال آلان فوغيه عضو الحركة الكاميرونية للدفاع عن الحق في العلاج، في تعليق على تصريحات البابا “إنه أمر مذهل حقاً، هل يعيش البابا في القرن الواحد والعشرين؟!” وأضاف “لن يفعل الناس ما يقوله البابا، إنه يعيش في السماء ونحن نعيش على الأرض”. كما أعلنت بياتريس لومينيه المسؤولة عن الوقاية من الوباء في منظمة أطباء العالم الإنسانية “إن نتائج هذه الرسالة خطيرة جداً عندما تصدر في القارة الأفريقية حيث يعيش ثلثا المصابين بالفيروس”.
قلق فرنسي
كما أعلنت فرنسا عبر وزير خارجيتها عن قلقها البالغ من تداعيات هكذا موقف مما سيعرَض للخطر إجراءات حماية الحياة الإنسانية في مواجهة الإيدز، كما أنه يتعارض مع كافة الجهود التي بذلتها الحكومات الإفريقية والجهات غير الحكومية المعنية بمكافحة هذا المرض.
رد الفاتيكان
وفي المقابل، الأب فيديريكو لومباردي المتحدث باسم الفاتيكانان قال “إن البابا أراد أن يشدد بقوة على أنه لا يمكن معالجة مشكلة الإيدز عبر توزيع الواقي الذكري فقط، إنه حل غير أخلاقي ويجب العمل على أنسنة العمل الجنسي لا تسخيف العملية الجنسية. ويجب أن يعتبر الناس أن الجنس هو تعبير عن الحب”.
تراجع البابا
ثم ما لبث ان تراجع الفاتيكان، ولاول مرة في تاريخه، عن معارضته لاستخدام الواقي الذكري، وذلك في كتاب “نور العالم” الذي يتضمن مقابلات مع البابا، وردا على السؤال حول ما اذا كان بالامكان القول ان “الكنيسة الكاثوليكية ليست بشكل مطلق ضد استخدام الواقي؟” اجاب البابا انه يجيز هذا الامر فقط “في بعض الحالات عندما تكون النية الحد من مخاطر العدوى، وقد يكون هذا الامر الخطوة الاولى لفتح الطريق امام حياة جنسية اكثر انسانية تعاش بشكل مختلف”.
الايدز بالارقام
ويشار إلى أن أكثر من 22 مليون شخص في الصحراء الكبرى مصابون بفيروس نقص المناعة البشرية.ووفقا لبرنامج الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية، فإن تسعة من أصل 10 من الأطفال المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية في العالم يعيشون في المنطقة التي تحوي 11.4 مليون يتيم بسبب الإيدز، في حين توفي نحو 1.5 مليون شخص بالمرض في عام 2007 وحده.
هذا الجدل يثير اشكالية، انه، لماذا أدلى البابا بموقفه في أفريقيا وليس في أوروبا؟ وما أثر الضغوط الإعلامية في قرارات الفاتيكان؟