التعصب القومي أشد خطراً من التعصب الديني

anni

أني بارودجيان | الدبلوم الجامعي في الأديان والإعلام

لا يختلف التعصب في معناه على أرض الواقع بين أن يكون تعصباً بسبب الدين وأختلاف العقيدة، تعصباً بسبب القومية والعرق والأنتماء ولعل شواهد كثيرة من ذلك كما حصل في التعصب التركي والإبادة التي قام بها الأكراد بحق الأرمن والأضطهاد الذي يتعرض له الأكراد كذلك وتصنيفهم بالأرهابيين تحت مسمى حزب العمال الكردستاني.

وحصلت جرائم إبادة نادت بها كثير من المنظمات والمؤسسات الإنسانية وهذا التعصب لا يقل خطورتاً عن التعصب الديني وما عانته الأقليات من أضطهاد في العراق وسوريا بل في منطقة الشرق الأوسط ككل بسبب الأختلاف في الدين والمعتقد.

“الأرمن شعب وقضية”

سنة بعد سنة أصبحت الشعوب العربية والغربية تتعرف أكثرعلى هذا الشعب وحضارته التي هي من أعرق حضارات الأرض وأغناها وهي اول دولة في العالم تعتنق المسيحية ديانة رسمية عام٣٠١ميلادي قبل كل الدول المسيحية الأخرى.

في٢٤نيسان عام ١٩١٥م، تعرضت لأول واكبر جريمة أبادة ذهب ضحيتها أكثر من مليون ونصف المليون إنسان على يد السلطة العثمانية وحصيلة هذه الإبادة العنصرية لا تنحصر فقط بالخسائر البشرية أذ تعرضت أرمينيا للنهب والدمار وأفرغت معظم الأراضي الأرمنية من أصحابها الأصليين وأزيلت ألاف القرى حتى الكنائس والأديرة والأثار التاريخية كانت خير شاهد على ما جنته أيدي الأتراك لهذا لم تسلم بدورها من النهب والتدنيس والحرق والتفجير بالديناميت، وزيادة على ذلك إن الأتراك العثمانيين كانوا يميّزون الأرمن بالنعت المشؤوم (كيافور) الذي يكمن فيه نمط الإهانة والتمييز العنصري.

كانت العلاقة بين الشعبين الأرمني والكردي جيدة وعاشوا على مدى عشرات القرون جنباً الى جنب فكان لكل أرمني صديق كردي يناديه (كيرفا) ويعتبرونه صديقاً عزيزاً للأسرة الأرمنية وكانوا يد الإنقاذ بعضهم لبعض في مواجهة الأتراك ولم يكن ذلك ليجد هوى في نفوس المستبدّين الأتراك فقد حثوا الأكراد على الأرمن فوقعت صدامات عديدة بينهما.

كما عمل الجيش التركي تقتيلاً في الأكراد بلا رحمة واعتقل رؤساء القبائل ودمروا بيوتهم وممتلكاتهم وبدأت عملية تتريك الأكراد بواسطة إكراههم على الإسلام، يتعرض الأكراد الى يومنا هذا للأضطهاد والتعسف والمضالم من السلطات التركية وتطبق أزاء الشعب الكردي سياسة الإبادة العنصرية.

“الأحلام الطورانية لا تزال تدغدغ مخيلة الأتراك”

هكذا كان حال تركيا في الماضي وفي الوقت الحالي أيضاً يستغلون الدين الإسلامي لأهدافهم السياسية والأقتصادية والعكسرية ينادون أنهم من أفضل الأمم والشعوب (لأنهم من أصل طوراني) وهم ذاتهم الذين قصفوا بمدافعهم وقذائفهم الكعبة الشريفة في مكة المكرمة وهدموا مقام إبراهيم أثناء الحرب العالمية الأولى وهم نفسهم اليوم يتنكرون بأسم داعش ويقومون بتخريب الحضارة والأماكن التاريخية في العراق وسوريا وتدمير الكنائس وتشريد وتهريب الناس من بيوتهم.

اليوم تعد أرمينيا دولة حرة مستقلة، لكن الأرمن لم ينالوا جميع حقوقهم بعد أذ لم تعاقب تركيا منفذة جرائم الإبادة بحق الأرمن الى يومنا هذا ومازالت معظم الأراضي الأرمنية يرزح تحت الأحتلال التركي والأرمن سيتابعون كفاحهم لإسترداد حقوقهم المسلوبة، وأسترجاع أراضيهم المحتلة.

لا يستطيع أحد أن ينكر حقيقة وجود وحش العنصرية النتن قابعاً في قعر مستنقع عالمي لا يتوانى بين حين وآخر أن يطل برأسه مذكراً بوجوده يبخ سمومه هنا وهناك،اذاً التعصب مرض خطير يهدد أمن وأستقرار البشرية أينما كان وحيثما كان هذا التعصب.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *